نبض لبنان

قصة 5 شعيرات بيضاء استعادت لونها.. التوتر يقود إلى المشيب

أعلن فريق من العلماء بالولايات المتحدة عن توصلهم إلى أول دليل كمي على أن التوتر والإنهاك النفساني يؤدي إلى المشيب.

وفقا لما نشرته "ديلي ميل" البريطانية، أجريت الدراسة بمركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا في مانهاتن بنيويورك، تحت إشراف بروفيسور مارتن بيكارد، الذي قال "إن فهم الآليات التي تسمح للشعر الأشيب بالعودة إلى حالته المصبوغة الشابة يمكن أن يعطي أدلة جديدة حول إمكانية وقف شيخوخة الإنسان بشكل عام" وحول مدى تأثرها بالتوتر".

مادة اعلانية

وأوضح بروفيسور بيكارد أن نتائج الدراسة تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تثبت أن شيخوخة الإنسان ليست عملية بيولوجية ثابتة، ولكن يمكن، على الأقل بشكل جزئي، إيقافها أو حتى عكسها مؤقتًا.

الشيخوخة عملية بيولوجية معقدة

مرحلة الشباب

أضاف بروفيسور بيكارد: "لا نعتقد أن الحد من التوتر لدى شخص يبلغ من العمر 70 عامًا، سيستعيد لون شعره الغامق الطبيعي بعد سنوات، أو أن زيادة التوتر لدى طفل يبلغ من العمر 10 سنوات سيؤدي لظهور شعر أبيض في رأسه".

هذا ويبدأ الشعر في النمو في الجزء السفلي من بصيلات الشعر، وهي بنية على شكل نفق في البشرة، أي الطبقة الخارجية من الجلد.

ويحصل صغار السن والشباب على لون الشعر بشكل طبيعي بواسطة صبغات تنتجها الخلايا الموجودة في بصيلات الشعر المعروفة باسم الخلايا الصبغية، والتي تصبح أقل نشاطًا تدريجيًا مع التقدم في العمر، وبالتالي يتم إنتاج صبغة أقل ويتلاشى اللون وينمو الشعر بلون رمادي وأبيض.

وتابع بروفيسور بيكارد: "عندما يكون الشعر تحت الجلد داخل بصيلات الشعر فإنه يخضع لتأثير هرمونات التوتر والأشياء الأخرى التي تحدث في الأذهان والأجسام. وبمجرد أن ينمو الشعر من فروة الرأس بالفعل لا يتغير لونه".

التاريخ البيولوجي للشعرة

في دراستهم، حلل الباحثون شعرًا فرديًا من 14 متطوعًا، نصفهم ذكور، بمتوسط عمر 35 عامًا، حيث تم التقاط صور مفصلة للغاية لـ"شرائح" صغيرة من شعر الإنسان لتحديد مدى فقدان الصبغة (الشيب) في كل شريحة، بقياس واحد على عشرين مليمتر في العرض، وبما يمثل حوالي ساعة من نمو الشعر.

وقال بروفيسور بيكارد: "مثلما تحتوي الحلقات الموجودة في جذع الشجرة على معلومات حول العقود الماضية في حياة الشجرة، فإن شعر (الإنسان) يحتوي على معلومات حول تاريخه البيولوجي".

ارتباط مذهل

إذا كان يتم فحص الشعر بالعين المجردة، فسيبدو أنه بنفس اللون بالكامل ما لم يكن هناك تحول كبير، أما "تحت ماسح ضوئي عالي الدقة، فستظهر اختلافات صغيرة ودقيقة في اللون" وهذا ما قام الباحثون بقياسه، ومن ثم تمت مقارنة النتائج مع ما قام كل متطوع بتدوينه من بيانات حول الفترات التي تعرض فيها للإجهاد النفساني أو التوتر. وعند مضاهاة يوميات المتطوعين وتوقيتات التوتر تم الكشف عن ارتباط مذهل بين الإجهاد النفساني وشيب الشعر، إذ توصل الباحثون إلى أن الشعر الأبيض يستعيد لونه الطبيعي تلقائيًا مع التخلص من التوتر.

تخلص من الشيب بقضاء عطلة

وقال بروفيسور بيكارد إن خمس شعرات بيضاء استعادت لونها الغامق الطبيعي على رأس أحد المتطوعين خلال قضائه لعطلة.

ومن أجل الفهم بشكل أفضل لكيفية تسبب التوتر في ظهور الشيب واستعادة اللون الطبيعي بعد الحد من التأثيرات النفسانية السلبية، قام الباحثون أيضًا بقياس مستويات آلاف البروتينات في الشعر وكيف تغيرت مستويات البروتين على طول كل شعرة.

وتبين حدوث تغييرات في 300 بروتين عندما تغير لون الشعر، ومن قام الباحثون بإعداد معادلات رياضية تشير إلى أن التغيرات الناجمة عن الإجهاد في الميتوكوندريا يمكن أن تفسر كيف يتحول الشعر إلى المشيب بسبب التوتر. إن الميتوكوندريا هي أجزاء مهمة في خلايا جسم الإنسان وتقوم بتحويل المواد الغذائية إلى طاقة تستخدمها باقي الخلية، من خلال توليد معظم احتياجات الخلية من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات الذي يعمل كمصدر للطاقة الكيميائية في التفاعلات الخلوية.

وشرح بروفيسور بيكارد قائلًا: "كثيرًا ما نسمع أن الميتوكوندريا هي مراكز القوة في الخلية، لكن أتضح أنه ليس الدور الوحيد الذي تلعبه، حيث أن الميتوكوندريا هي في الواقع مثل هوائيات صغيرة داخل الخلية تستجيب لعدد من الإشارات المختلفة، من بينها الإجهاد النفساني".

فئران التجارب تراوغ الباحثين

في العام الماضي، رجحت نتائج دراسة، أجريت على فئران التجارب، أن الشيب الناتج عن الإجهاد ناتج عن فقدان لا رجعة فيه للخلايا الجذعية في بصيلات الشعر، لكن يعتقد باحثو الدراسة الجديدة أن تأثير الميتوكوندريا هو تفسير أكثر دقة.

وقال الباحث المشارك في الدراسة رالف باوس، أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة ميامي: "تُظهر بيانات الدراسة أن الشيب يمكن عكسه (أن يعود للون الغامق) مما يشير إلى آلية مختلفة. ومن المحتمل أن "بصيلات شعر الفئران مختلفة تمامًا من الناحية البيولوجية"، وربما يعطي هذا المثال تفسيرًا لسبب أن نتائج بعض الأبحاث على الفئران لا تنطبق على الإنسان.

أخبار متعلقة :