خلّفت السيول الجارفة التي ضربت اليمن، الجمعة، عشرات القتلى فيما تضررت آلاف الأسر، ودمرت آلاف المنازل، بينها منازل نازحين، إضافة إلى تهدم وتضرر مواقع تراثية وتاريخية، من بينهما منزل الشاعر اليمني الراحل عبدالله البردوني.
ويصادف انهيار المنزل مع اقترب الذكرى الـ 21 لرحيل الشاعر اليمني الذي توفي في 30 آب/ أغسطس 1999.
وعلى مدى السنوات الماضية سعى العشرات من كبار الأدباء والنخب الثقافية اليمنية من أجل تحويل المنزل لمتحف مصغر، يضم مقتنيات الشاعر اليمني البردوني، لكن خلافات بين الورثة كانت تقف عائقاً أمام إتمام هذا المشروع.
وأشار عبده الحودي رئيس اتحاد الأدباء والكتّاب في مدينة ذمار، في منشور له عبر صفحته على فيسبوك، إلى أن "بيت البردوني القديم في باب السبح أصبح ركاماً وأثراً بعد عين، وبذلت جهود كبيرة في شراء البيت حتى يصبح متحفاً ومزاراً يضم مقتنيات البردوني إلا أن تعنت الورثة كان يقف حائلًا دون تحقيق تلك الغاية".
وبحسب الحودي، فقد وافق وزير الثقافة السابق الدكتور عبدالله عوبل على شراء البيت بمبلغ خيالي وصل إلى 40 مليوناً، لكن الورثة اختلفوا إلى أن أصبح أثراً، رحم الله البردوني، ونسأل الله أن يلطف بصنعاء وأهلها".
وولد البردوني العام 1929 في إحدى القرى النائية بمحافظة ذمار التي تبعد 100 كلم عن جنوب صنعاء. وأصيب الشاعر بمرض الجدري في الخامسة من عمره ما أدى إلى فقدانه بصره.
وتتلمذ على يد كبار العلماء في مدينتي ذمار وصنعاء، ونبغ في الشعر، وشارك في العشرات من المهرجانات الشعرية العربية، وله ”12“ ديوانًا شعريًا، بالإضافة إلى العشرات من المؤلفات في الأدب، والنقد، والسياسة، والتاريخ.
هذا وعُرف الشاعر اليمني بانتقاده المستمر لفساد السلطة، فقد تعرض للسجن عدة مرات، وتعرض للتهميش من الجهات الحكومية طوال مسيرة حياته.
وفي العام 1982م أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورة الشاعر اليمني عبدالله البردوني كـ“معاق تجاوز العجز“.
وصدر للشاعر عدة دواوين، منها: "من أرض بلقيس“، و”مدينة الغد“، و”السفر إلى الأيام الخضر“، و”وجوه دخانية في مرايا الليل“، و”زمان بلا نوعية“، و”كائنات الشوق الآخر“، و”رواغ المصابيح“، و”جواب العصور“، و”في طريق الفجر“.. وغيرها.
كما نشر البردوني عدة كتب ودراسات من بينها: رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه، وقضايا يمنية، وفنون الأدب الشعبي في اليمن، واليمن الجمهوري، والثقافة الشعبية تجارب وأقاويل يمنية.
يشار إلى أنه لقي قرابة 100 شخص حتفهم، خلال الأيام الماضية، جراء السيول التي ضربت عدة محافظات يمنية، فيما تضررت آلاف الأسر، ودمرت آلاف المنازل، بينها منازل نازحين، إضافة إلى تهدم وتضرر مواقع تراثية وتاريخية، وفق تقديرات رسمية.
ويعاني اليمن ضعفاً شديداً في البنية التحتية، ما جعل تأثير السيول يعمق مأساة السكان الذين يشكون من هشاشة الخدمات الأساسية.