نبض لبنان

فنانة عربية مشهورة أبوها أحد أهم الخطاطين العرب

محمد حسني، يعتبر واحداً من أهم الخطاطين العرب، في العصر الحديث، وبلغ احترافه الخط العربي، حداً قيل فيه عن إحدى لوحاته، إنها أجمل ما رسمه خطّاط عربي، بحسب ما علّق الخطاط التركي الشهير موسى عزمي، والمعروف باسم حامد الآمدي، والمولود سنة 1891م، على رقعة مخطوطة له، كما أورد الباحث والخطاط اللبناني الكبير الراحل محسن فتوني في موسوعته عن الخط العربي والزخرفة الإسلامية.

ومحمد حسني، واسمه الحقيقي حسني البابا، هو والد الفنانة سعاد حسني، وبرع في الخط العربي ووصف بأنه سيّد من هندس لوحات خطّية، إلا أن شهرته في عالم الخط، لم تكن كشهرة ابنتيه سعاد في التمثيل، والمطربة نجاة، في الغناء. على الرغم من أن مؤرخي الخط العربي، يضعونه كواحد من أبرز الخطاطين على الإطلاق، فيما عمد بعض الخطاطين الجدد، إلى نشر كتب خاصة بلوحات الخطاط المحترف.

من روائع محمد حسني
أجمل ما رأى لخطاط عربي

وأبدع حسني في خط الحرف العربي، وأدخل فيه المؤثرات البصرية التي تضيف للكلمة المكتوبة، دلالة من خارجها، فيعمد إلى منح الحرف حركة مرسومة تحاكي فكرة أو حالة شعورية، مثلما فعل في لوحته المبهرة والمتضمنة الآية القرآنية الكريمة: "وما توفيقي إلا بالله" حيث وصفها الخطاط التركي الكبير حامد الآمدي، بأنها أجمل ما رأى لخطاط عربي. وفيها يبرز حرف "لا" كما لو أنه يدان تتضرعان في وسط وأعلى الصورة.

وبحسب (موسوعة الخط العربي) للبناني فتوني، فإن الآمدي كان يحتفظ بلوحة محمد حسني، في مكتبه، دون أن يعلم من هو صاحبها الخطّاط، بل كان يسعى لمعرفة هويته، لما تركته اللوحة في نفسه من أثر بالغ بالإعجاب، وهو الذي يعد واحداً من أشهر خطاطي العالم الإسلامي، قاطبة.

يقول الباحث فتوني، إن محمد حسني لديه "عبقرية في توزيع الحروف" وربما وقع في شيء من الغرور، بسبب إتقانه البارع للخط وإضافته أبعادا هندسية جمالية عليه، عندما صرّح بأنه "مسيطر" على الخط العربي!

قلعة فنية لا تعوّض

وقيل عن حسني إنه "قلعة وظاهرة فنية لا تعوّض" فهو "مهندس التركيبات" الذي اشتهر "بمقدرته الفائقة في كتابة جميع الخطوط بإتقان" وهو الرسّام الفنان الذي "يرسم الحروف رسماً بارعاً" بحسب ترجمته الواردة في كتاب توثيقي صدر في مصر، جمع فيه أغلب لوحاته، في سلسلة (روائع الخط العربي) في كتاب بعنوان: (من أعمال الفنان محمد حسني) ظهرت فيه لوحات خطية عديدة لحسني، ومنها أسماء كتب شهيرة، تاريخية وأدبية ودينية، تظهر براعة حسني الذي يعرّف بالفنان، بسبب أعمال الهندسة البصرية التي يجريها على الحروف العربية فحوّل منها، لوحات زخرفية وتشكيلية.

وفيما لم يورد الباحث فتوني، تفاصيل كثيرة عن حياة حسني الذي نشر له لوحات خطية خاصة به وتعيد "العربية.نت" نشرها ونشر بعض لوحاته التي نشرت في كتاب أعماله السابقة الإشارة إليه، إلا أنه نشر صورة تجمعه بالخطاط الكبير، ملتقطة منذ عقود، مورداً عنه، بعض الروايات التي تتحدث عن شيء من ماضيه المشوب بغموض يتعلق بأسباب هجرته وانتقاله من بلد إلى آخر.

عام الخط العربي لحفظه تراث اللغة العربية

ويشار إلى أن ثمة جوانب غامضة لم تفسر حتى الآن، تتعلق بحياة وتفاصيل بعض الخطاطين العرب والمسلمين، ومنذ قرون، بحسب ما طالعته "العربية.نت" في عدد من تراجم الخطاطين. إذ كانت المأساة مصير بعض مشاهير هذا الفن، دون أن يعرف السبب المباشر. فمنهم من عاش ثرياً، ثم مات في أشد ما يكون الفقر، كالخطاط نجيب الهواويني المتوفى سنة 1958، وسلفه الأكبر وسلف أكابر الخطاطين، ابن مقلة المتوفى سنة 328هـ الذي مات مقطوع اليد ومات في محبسه مجوَّعاً ودفن ثلاث مرات على عهد العباسيين.

كما يشار إلى أن الخطاط الشهير ابن البواب المتوفى سنة 423هـ والذي كان يوصف بصاعقة عصره، مات وهو من أفقر الناس.

وأتت مبادرة المملكة العربية السعودية، لإعادة الاعتبار لعالم الخط العربي والخطاطين العرب، وإحياء هذا الفن المستقل بذاته والذي برع فيه عرب ومسلمون من مختلف الأقطار، من خلال إعلانها اعتبار سنة 2020 عاماً للخط العربي، بصفته فناً وأداة لحفظ تراث اللغة العربية الواسع، خاصة أن إعلان الحكومة السعودية، 2020 عاماً للخط العربي، ترافق مع الاحتفال العالمي باليوم العالمي اللغة العربية، في الثامن عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2019.