أيام من الشد والجذب عاشها الجميع، بسبب الجدل الذي أحدثه فيلم "أصحاب ولا أعز"، أول الإنتاجات العربية السينمائية لمنصة نتفلكس.
الفيلم الذي شارك في بطولته منى زكي، وإياد نصار، وجورج خباز، ونادين لبكي، تسبب في أزمات كبرى بسبب جرأة التناول لعدد كبير من القضايا، وكذلك جرأة الحوار بين الأبطال، وهو ما لم يعتد عليه المشاهد المصري من قبل.
مادة اعلانية
ومن بين الشخصيات التي طرحها الفيلم، كانت شخصية "المثلي" التي قدمها الفنان فؤاد يمين، والتي تسببت في جدل واسع، بسبب ما اعتبره البعض تصالحا مع المثلية الجنسية والدعوة إليها.
صناع الأعمالليعيد هذا الأمر إلى الأذهان وقائع عدة شهدتها السينما المصرية من قبل حول المثلية الجنسية، وكيفية تطرق صناع الأعمال لها منذ سنوات طويلة.
الناقد الفني طارق الشناوي تحدث لـ "العربية.نت" حول الأمر، مؤكداً أن السينما كانت تقدم شخصية المثلي من خلال شخصية "صبي العالمة"، واعتبروا أن هناك تقارباً في الشخصية والمضمون بين الثنائي.
ولعل أبرز من قدم الأمر كان عادل إمام في نهاية ستينيات القرن الماضي، حينما شارك في فيلم "سيد درويش"، ولم يكن وقتها هو عادل إمام الذي يعرفه الجميع في الوقت الحالي.
ديل السمكة
وأشار الشناوي إلى أن يوسف شاهين كان واحدا من المخرجين الذين يلجأون إلى التلميح وترك مساحة من أجل التفسير لدى الجمهور، بدلا من طرح الأمر بشكل مباشر.
لذلك هوجم كثيرا على أعماله التي كانت تحمل بين أبطالها من يوحي للمشاهد بكونه مثلي الجنس، إلا أنه توقف عن ذلك الأمر أمام الهجوم الذي تعرض له.
لكن سبعينيات القرن الماضي حملت معها عددا من الأعمال التي كانت تقدم شخصية "المثلي" بوضوح، ولعل أبرزها فيلم "حمام الملاطيلي" الذي قدم فيه يوسف شعبان شخصية "الرسام المثلي".
كما أنتج الراحل نور الشريف فيلم "قطة على نار"، الذي تناول بدوره شخصية "المثلي"، وهي الأعمال التي أكد الشناوي أن الجمهور لم يتعامل معها بضجة كبرى مثلما يحدث في الوقت الحالي.
عمارة يعقوبيان
ولكن على الرغم من ذلك، أشار إلى أن عددا كبيرا من الفنانين الذين قاموا بدور المثلي تبرأوا منها بعد ذلك، وعلى رأسهم عادل إمام الذي تمنى لو أن يمحى دوره في فيلم "سيد درويش" من تاريخه.
وكذلك يوسف شعبان الذي أطل في سنواته الأخيرة قبل رحيله، وكان دائما ما يشعر بعدم الراحة عند الحديث عن "حمام الملاطيلي"، عكس ما كان يحدث وقت عرض هذه الأعمال.
الشناوي رأى أن التجربة التي قدمت شخصية المثلي بشكل فيه تبرير دون إدانة، جاءت في فيلم "ديل السمكة" الذي عرض عام 2003 للكاتب الراحل وحيد حامد.
حيث قدم الدور الفنان رؤوف مصطفى، وحملت الأحداث تبريرا للأمر بكون الشخص ولد هكذا، إلا أن عدم النجاح الجماهيري للفيلم جعله يمر دون اعتراضات جماهيرية.
وهو الأمر الذي يراه الشناوي كان مساهما في أن تمر أعمال دون جدل، مثل تجربة "ميرسيدس" للمخرج يسري نصر الله، التي قدمت قصة مشابهة، ولكنها لم تحدث أي تفاعل جماهيري.
وفيما يخص التجربة الأشهر خلال السنوات الماضية، تحدث الشناوي عن فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي قدم من خلاله خالد الصاوي دور المثلي.
وجاءت نهايته خلال الأحداث نهاية مأساوية، حينما تعرض للقتل، وهو ما اعتبره المشاهد جزاء لما كان يقوم به، ولكن على الرغم من ذلك أشار الشناوي إلى أن أكثر من ممثل اعتذر عن الدور قبل الصاوي.
كان أبرزهم حسين فهمي وفاروق الفيشاوي وكذلك محمود حميدة الذي طلب مليون جنيه من أجل تقديم الشخصية، واعتذر لأسباب مادية عكس باقي المعتذرين.
كما أن البعض مازال يعجز عن التفرقة بين الممثل والشخصية التي يلعبها، ولعل ذلك ما حدث حينما كان عادل إمام يقوم بتقديم أبطال الفيلم في العرض الخاص، وحينما جاء دور خالد الصاوي، أشار عادل إمام بيده ليؤكد للمتواجدين أن خالد الصاوي بعيد تمام البعد عن ميول الشخصية التي لعبها.
وأمام الحساسية التي يعاني منها الممثلون تجاه هذه الشخصيات، والتعامل الأخلاقي من قبل الجمهور مع هذه الشخصيات، تظل هذه الشخصية تجد صعوبة في التعامل من قبل الجمهور والمجتمع الذي لا يتعامل مع الأمر على كونه تمثيلا.
حمام الملاطيلي
فيما كانت هناك تجربة أخرى للمخرج هاني فوزي، حينما قدم فيلم "أسرار عائلية" الذي قام ببطولته محمد مهران عام 2013، وكان هو الفيلم الأول من نوعه الذي يتناول شخصية المثلي باعتبارها الشخصية المحورية للأحداث، ولكنه تعامل معها على كونها مرضاً يسهل تقويمه وإعادته مرة أخرى إلى المجتمع، وهو ما ساهم في تقبل المجتمع للفيلم، حسبما أكد الشناوي.