كشفت دراسات علميّة حديثة عن الأسرار الكامنة وراء اللون الداكن الذي تشتهر به لآلئ تاهيتي السوداء فيما جميع أنواع اللؤلؤ الأخرى في العالم فاتحة اللون. إليكم التفاصيل.
عادت هذه الدراسات التي قام بها "المعهد الفرنسي لبحوث استكشاف البحار" إلى التاريخ الجيني للؤلؤ تاهيتي، الوحيد في العالم الذي يتميّز بلونه الأسود. وهي قامت بتحليل الأساليب التي يتكوّن فيها الصباغ داخل هذا النوع من المحار مما يُكسب اللآلئ لوناً أسوداً تدخل عليه تدرجات ألوان الطيف.
لآلئ سوداء
سمحت مزارع إنتاج هذا النوع من اللؤلؤ بتسهيل إجراء دراسات عليه، خاصة أن إنتاجه يستند في هذه الحالة على تطعيم يتمّ إجراؤه بين محارين. يؤخذ الطعم من المحار المتبرع، وهو يكون على شكل غشاء رقيق مسؤول عن نموّ الصدفة. ويضمن هذا الطعم تأمين غلاف من عرق اللؤلؤ يغطّي حبيبات صغيرة مصنوعة من قشور أصداف يتمّ وضعها في المحار المتلقّي للتحوّل مع الوقت إلى حبيبات لؤلؤ مستزرع. أما لون اللؤلؤ الذي يتم الحصول عليه فيكون شبيهاً للون القشرة الداخليّة للمحار المتبرّع. تعتبر هذه العملية دقيقة وهي تتأثر بالعوامل المناخية التي تزيد من صعوبتها في العديد من الأحيان.
ساهمت الأبحاث التي تم إجراؤها في التعرّف على أنواع الخضاب التي تترك لمسات حمراء وصفراء وخضراء على اللؤلؤ الأسود، مما يساعد على التحكمّ باللون النهائي الذي يتم الحصول عليه في مزارع اللؤلؤ. وقد حدّد الباحثون 7 جينات مرتبطة بالمحار الذي يميل داخله إلى اللون اللؤلؤي الأصفر، 19 جيناً مرتبطاً بالمحار الذي يميل جانبه الداخلي إلى اللون الأخضر، و24 جيناً مرتبطاً بالمحار الذي يميل جانبه الداخلي إلى اللون الأحمر.
لؤلؤة سوداء
يكون الاختلاف بين ألوان حبيبات اللؤلؤ ناتج عادةً عن تبدّلات دقيقة تطرأ على هذا الخليط الجيني. ومن شأن ذلك أن يسهّل في المستقبل التحكّم بالدرجة اللونيّة للؤلؤ المستزرع. ولكن هذا المخزون الجيني لا يفسّر وحده اللون الذي تكتسبه اللآلئ والذي يرتبط أيضاً بالعمق الذي توضع فيه المزارع في البحر، والذي يؤثّر بشكل مباشر على طريقة تفاعل جيناتها. وهذا يعني أن وضع اللؤلؤ المستزرع في عمق أكبر سيؤمّن حصوله على لون داكن أكثر.
وإذا كان العلم استطاع أن يفسّر دور العامل الجيني في التأثير على لون اللؤلؤ الأسود، إلا أنه لم يستطع حتى الآن أن يفسّر تأثير العمق الذي تُستزرع فيه اللآلئ على لونها. ويبقى لؤلؤ تاهيتي الأسود ذات قيمة عالية في عالم المجوهرات نظراً لندرته وجودته بالإضافة إلى صعوبة استزراعه في أعماق البحار.