يهتم متابعو المجال التقني بالتسريبات بشكل كبير. وتنتشر هذه التسريبات يوميًا على المواقع التقنية المتخصصة. وعادةً ما تكشف لنا عن خطط الشركات المستقبلية إلى جانب مواصفات ومميزات منتجاتها القادمة، ولعل شركة آبل هي واحدة من أهم هذه الشركات.
وتحظى شركة آبل بأهمية كبيرة جدًا فيما يخص التسريبات. وذلك نظرًا لأن المستخدمين يهتمون بمنتجات الشركة من ناحية. ومن ناحية أخرى فالشركة معروفة ببطئها في عمليات التطوير ولذلك فأي معلومة عن ميزة جديدة أو منتج جديد من الشركة تكون مثيرة للاهتمام.
مادة اعلانية
ولأكثر من عام كامل استطاع أحد الأعضاء النشطين في أحد المجتمعات الإلكترونية من تسريب مستندات داخلية خاصة بالشركة، إلى جانب تسريب معلومات هامة عن الشركة ومنتجاتها، إلا أن هذا المسرب كان يعمل كعميل مزدوج لصالح آبل!
المسرب الذي ساعد آبلتمكن هذا المسرب من الظهور بقوة على شبكات مثل تويتر وديسكورد. وظهوره الأقوى كان في المجتمعات المتعلقة بتسريبات الشركة الداخلية بما في ذلك تسريبات تصميمات الأجهزة القادمة، التطبيقات التي يجري تطويرها، والمزيد.
ومن ناحية أخرى فقد شارك هذا المسرّب من إعلام آبل بهوية الأشخاص الذين يسربون النماذج الأولية للآيفون من المصانع، الصحفيون الذين ينشرون البيانات، والمزيد.
وقد عرف المسرّب أندري شوميكو باسم YRH04E على شبكة الإنترنت. وقد قرر أن يشارك قصته مع آبل كانتقام منها بعدما استغلته ولم تكافئه ماديًا.
وأكد شوميكو أن ادعاءاته صحيحة وحقيقية. حيث كشف عن رسائل نصية ورسائل بريد إلكتروني تبادلها مع موظفي الشركة وتحديدًا موظفي القسم الأمني. ويعرف هذا الفريق بمحاربته لعمليات التسريب ونشر المعلومات.
وبدأت علاقته مع الشركة الأميركية سابقًا في عام 2017. وذلك عندما حذرهم من حملة احتيالية موجهة ضد أحد متاجر الشركة. وفي منتصف عام 2020 تعامل مع الشركة في التحقيق حول واحد من التسريبات الكبيرة، وحينها أصبح "جاسوسًا" للشركة كما وصف نفسه.
وتضمن هذا التسريب نسخة من نظام iOS 14 والتي تمكن مجتمع مخترقي الآيفون من الوصول إليها من خلال نسخة أولية مسروقة من مصانع فوكسكون لهاتف آيفون 11.
المشكلة بدأت في الصينوقد لاحقت آبل عددًا كبيرا من المواطنين الصينيين بتهم تسريب وبيع أجهزة آيفون، ومن بينهم صحفي لموقع Gizmodo. وبدأت آبل في وقت لاحق في إنشاء علاقات مع أعضاء المجتمعات الرقمية -أو المنتديات- المتخصصة في تسريبات الآيفون وكسر حمايته، ومن بينهم شوميكو.
ولم يعمل شوميكو مع آبل بشكل نظامي. لكن عند تسريب نظام iOS 14 تمكّن شوميكو من الحصول على نسخة. كما تمكن من فهم كيفية حدوث هذا التسريب، وبعدها توجه لإخبار آبل بالتفاصيل.
وقد تواصل شوميكو مع فريق الحماية في آبل عبر البريد الإلكتروني. وعرض عليهم أن يشاركهم باسم ومعلومات الشخص الذي سرّب النظام، إلى جانب "تسليم" عدد من الأشخاص الذين يبيعون هواتف آيفون قبل إطلاقها رسميًا.
وردًا على رسالة شوميكو عرضت آبل عليه أن يتواصل معه موظف رسمي من الشركة عبر سيغنال أو تيليغرام. وقد وافق.
وتصرفات شوميكو كانت غريبة في هذه المحادثة. كما أنه صرح أنه نادم عن أفعاله السابقة ومستعد للتكفير عنها، بالرغم من أن لا أحد قد طلب منه ذلك. كما ذكر أنه شخص محبوب ضمن هذه المجمعات ويمكنه أن يجمع المعلومات بسبب ذلك.
تعامل آبل مع العميل المزدوجوشارك شوميكو حينها موظّف آبل الذي يحادثه كمًا كبيرًا من المعلومات. وهو ما دفع آبل على إبقاء التواصل مفتوحًا مع شوميكو لأكثر من عام كامل، علمًا أن هذه المحادثة قد تمت في منتصف 2020.
وبعدها بدأ شوميكو في مشاركة معلومات عديدة مع مسربين آخرين عبر تويتر وديسكورد ومنصات أخرى. وقد تمت معاملة هذا العميل المزدوج بأنه مصدر موثوق تمامًا. ووصفه أحد الأشخاص المؤثرين في هذا المجال بأنه كان يمتلك وصولًا فعليًا لكثير من المعلومات السرية، وهذا طبيعي نظرًا لتعاونه مع الشركة.
ونظرًا لتأثيره في هذا المجال وثقة الآخرين فيه. تمكّن شيموكو من اكتساب الشهرة والثقة. إلى أن تمكن في العام السابق من إعداد قائمة تضم أسماء وأرقام هواتف والعناوين الخاصة بأشهر مسربيّ الأنظمة والأجهزة في الصين.
وحسبما صرح شيموكو فهو كان يساعد الشركة ليتجنب أي مشاكل مستقبلية معها، وللتحسين من أوضاعه. بينما سأل الموظف الذي كان يتواصل معه عن إمكانية الحصول على أجر عن جهوده إلا أن الأخير لم يكن متجاوبًا معه، ولم يشاركه بأي تفاصيل.
واستمر شيموكو مع مرور الوقت في تسريب ونقل المعلومات لآبل. بما في ذلك معلومات عن موظفيّ آبل الذين يسربون المعلومات عبر الإنترنت، وبالطبع رحبت الشركة بهذه المعلومات.
وقد فضح شيموكو موظفًا في مكتب آبل في ألمانيا. والذي كان يحاول بيع معلومات خاصة بخدمة خرائط آبل، ومعلومات تستخدم في تسجيل الدخول لحسابات الموظفين الرسمية. وبعدها عرف شيموكو أن هذا الموظف قد تم طرده.
واستمر شيموكو في القيام بعمله. وكان يتوقع من آبل أن تساعده أو أن تكافئه بأي شكل، إلا أن الشركة لم تفعل ذلك ولا مرة. وشعر شيموكو حينها أن الشركة لم تكن تستحق ما قدمه لها، وشعر بالأسى على حال موظف الشركة في ألمانيا والذي طُرد بسببه.
وأخيرًا سلم شيموكو معلومات إضافية عن الأشخاص المتورطين في تسريب iOS 14 سابقًا. ومع مرور الوقت انقطعت علاقته بالشركة وموظفيها تدريجيًا بدون أن يستفيد منهم بأي شكل.
وفي محاولة منه لتحقيق أي ربح من كل هذه القصة عاد شيموكو مرة أخرى ليحاول بيع المعلومات الداخلية للشركة على تويتر. كما صرحت جميع المصادر المتعقلة بأن اعترافات شيموكو تلك ستؤثر على آبل بقوة. وستمنع أي شخص مهتم بتقديم المساعدة والمعلومات للشركة من فعل ذلك.
أخبار متعلقة :