الخوف من انقطاع الادوية وارتفاع اسعارها خلق بلبلة كبيرة بين الناس جعلتهم ينتظرون على ابواب الصيدليات كما كانوا ينتظرون ايام الحرب على أبواب الأفران، جميعهم يطلبون من أدويتهم علبتين وثلاث ولو استطاعوا لطلبوا اكثر.هذا الإرتفاع الشديد في الطلب استهدف بشكل خاص، بحسب الإحصاءات، الأدوية المختصة بالأمراض المزمنة والمستعصية وهي: القلب والسكري، الأمراض النفسية والعصبية والأمراض السرطانية، فيما انخفض الطلب على أدوية الأمراض الأخرى مثل أدوية الأمراض الجلدية أو الأمراض النسائية.
سعر الدواء مهدّد بالارتفاع خمسة أضعاف
نقيب مستوردي الأدوية واصحاب المستودعات في لبنان كريم جبارة أطلق صرخة تتخطى التحذير وتكشف وحول المشكلة التي بدأ لبنان يغرق فيها نتيجة التهديد بوقف الدعم عن القطاع الدوائي. فالمشكلة بحجم كارثة متشعبة الامتدادات تطال ليس فقط المريض اللبناني بل كل القطاع الصحي ولا سيما الجهات الضامنة. رفع الدعم يعني التحول نحو السوق السوداء للاستيراد مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع جنوني في سعر الدواء يعادل خمس مرات سعره الحالي.
حتى اليوم لا يزال سعر الدواء محدداً وربح المستورد كما ربح الصيدلي ثابتاً، ولكن قد تنقلب هذه المعادلة رأساً على عقب ويغرق لبنان في كارثة حقيقية، تهدد أمنه الصحي والاجتماعي إذا ما بات على المستوردين شراء الدواء وفق سعر السوق السوداء، في حال لم يستطع مصرف لبنان الاستمرار في تأمين الدولار الدوائي بسعر 1500 ليرة للدولار. 35% من اللبنانيين غير خاضعين لأية جهة ضامنة ونصف هؤلاء باتوا تحت خط الفقر فكيف بإمكانهم تحمل الزيادة المتوقعة في اسعار الدواء؟ اما الجهات الضامنة التي تغطي 65% من اللبنانيين وتتحمل تكاليف 80% من سعر الدواء فميزانياتها كلها بالليرة اللبنانية، ولا يمكنها تحمل اية زيادة في أسعار الدواء تجعل مصاريفها أكبر من ميزانيتها وتعرّضها للإفلاس او تضطرها الى تغطية اقل من 20% من سعر الدواء.
الأدوية المزورة تملأ الفراغ
تتشعب المشكلة وتتعاظم آثارها في حال قرر المصرف المركزي المضي في قرار رفع الدعم عن الدواء والقمح والمحروقات. إذ تشير الأرقام الى أن هذه السلع تمثل طلباً على العملات الأجنبية يقدر بـ 6 الى 7 مليارات دولار في السنة، يحتل الدواء نسبة مليار ونصف المليار دولار منها ومتى أزيل الدعم عنها فإن الطلب على الدولار في السوق السوداء سيرتفع ما يرفع سعره أكثر مما هو حالياً بكثير وسيخف الاستيراد بشكل كبير مسبباً انقطاع أنواع كثيرة من المواد المستوردة ومن بينها الأدوية.
ويؤكد النقيب ان الطبيعة لا تحب الفراغ لذلك فثمة من سيعمل على ملئه والحلول محل الأدوية المقطوعة من خلال الأدوية المزورة والمهربة، ولا سيما وأننا في بلد غير قادر على ضبط حدوده وهي بمثابة كارثة حقيقية تتهدد صحة المواطن مثل الغلاء الهستيري في اسعار الدواء.
في اواخر شهر أيلول من العام الماضي قرر مصرف لبنان دعم الدواء ووضع خطة على اساس أن تتحلحل الأمور في خلال سنة وتبدأ الإصلاحات وتدخل العملات الأجنبية إلى لبنان من جديد، ما ينقذ بذلك القطاع الصحي والمستشفيات والجهات الضامنة والمواطنين. ولكن اليوم بعد سنة بالضبط ما زال الحل، الذي كان يفترض ان نصل إليه، بعيداً. الدعم مهدد بالتوقف وكل القطاعات الصحية مهددة بالانهيار.
المصدر: لبنان 24