كتبت ايفون أنور صعيبي في "نداء الوطن": سعر الصرف في لبنان كملتقى سوق عكاظ للشعر؛ فيه سعر رسمي يلتزم بالعروض الشعرية، وسعر آخر ارتجالي كلماته غير مفهومة ولكنه يتبع اللحن. من حيث المبدأ، هناك بورصة تحدّد سعر صرف الليرة على أساس 1515، لكن في زمن الشحّ في الدولار باتت سوق الصيرفة تغنّي على ليلاها...
لذلك، "ربما" لم يعد من المجدي صبّ اللوم كاملاً على المصارف والصرافين والمؤسسات المالية ومعها حاكميّة مصرف لبنان، ذلك لأن غالبية الناس ارتضوا التنازل وبكامل ارادتهم عن جزء من أموالهم ومدّخراتهم لصالح الصرافين، ومن خلالهم المصارف التي بادرت الى استغلال هذه الظاهرة لتحقيق المزيد من الارباح والربا الفاحش. لكنّ السؤال اليوم من أين يأتي الصرافون بهذا الكمّ من الاموال في السوق الموازية؟!
أنشأت محلات الصيرفة لها سوقاً "زُعم" أنها مبنية على العرض والطلب. وعليه، فرضت سعراً ثانياً للدولار، علماً أن الصرافين لا يملكون "آلية" لتحديد العرض والطلب، بالتالي فإنّ هذا التحديد وهميّ وغير مبني على أُسس واضحة.
ما يحصل في الواقع متمثّل بقيام كبار الصرافين (من ذوي النفوذ)، لا سيما أولئك الذين يملكون مبالغ كبيرة من الاموال، بضخّ السيولة، وبالتالي تحديد سعر الصرف، وهم أنفسهم يعمدون الى شراء شيكات مصرفية مع اقتطاع نسب معينة منها لامست في الاسابيع القليلة الماضية حدود الـ35%، ما يعني haircut غير مباشر.
الى ذلك، وبطريقة مبسّطة، يسلب عدد من الصرافين الناس ما تبقى لديهم من مدّخرات إما بشراء شيكاتهم، او من خلال عمليات إقراض مقابل وكالات غير قابلة للعزل وعقود بيع ممسوحة. ومع موجة الافلاسات التي طالت أعداداً خيالية من الشركات، وما لحقها من صرف للموظفين وتعذّر الكثير منهم من الايفاء بالدفعات الشهرية للمرابين، قام هؤلاء بالاستيلاء على هذه العقارات.
المصارف تفجّر ينابيع الصيرفة
عن الموضوع يوضح مصدر مواكب لحركة الصرافين المالية، أن "هناك مصدرين اثنين لتمويل عمل الصرافين: يتمثل الاول بالمال الموجود لدى "النظام المصرفي"، وفي هذه الحالة لا يمكن نفي وجود "احتمال" تواطؤ مع المصارف الكبرى لشراء أموال الناس المحتجزة لديها عبر "الوسطاء" أي الصرافين. ولهذا السبب كانت أكثرية الشيكات المصرفية تُحرّر من دون اي ذكر للمستفيد الاول قبل أن يتدارك مصرف لبنان هذه الظاهرة ويلزم المصارف بالتوجّه لإصدار شيكات مشروطة للمستفيد الأول. هكذا اذاً كانت المصارف تشتري الاموال المحتجزة لديها مقتطعة نسباً وصلت الى 35% من قيمة هذه الاموال الفعلية. وهنا تجدر الاشارة الى أن هذه البدعة تأتي بالارباح السهلة التحقيق لسوق الصيرفة والمصارف وإلا لما استمرّتا بهذه اللعبة.
أما مصدر التمويل الثاني فناجم عن إدخال الأموال الى لبنان عبر الحدود (خصوصاً البريّة منها والبحريّة). ويتطلّب إدخال هذه الاموال بطرق كهذه تكلفة تؤدي في نهاية المطاف الى رفع سعر الدولار في السوق الموازية باتفاق مع المصارف وبغطاء من البنك المركزي".
ويقول المصدر: "من المرجّح أن تُستخدم هذه الاموال لتمويل الـhaircut في حال أُقرّ القانون، علماً أنه لن يتخطى في حال تنفيذه الـ10%، ما يعني أنه تمّ استغلال خوف المودعين صغاراً كانوا أم كباراً، لصالح المصارف التي حققت بواسطة الصرافين أرباحاً من جيوب شعب مكبّل فقد ثقته بهذه المنظومة.
المصدر: لبنان 24