القدرة الشرائية ستنخفض والأسعار سترتفع.. إليكم حل أزمة الدولار!

القدرة الشرائية ستنخفض والأسعار سترتفع.. إليكم حل أزمة الدولار!
القدرة الشرائية ستنخفض والأسعار سترتفع.. إليكم حل أزمة الدولار!

كتب مهدي قانصوه في صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان " فك ارتباط الليرة بالدولار: دواء مُرّ وحل وحيد": "بالرغم من كل ما يُشاع عن مخاطر تثبيت العملة في عالم الهندسات المالية، خصوصاً ما يتعلق بالنظرية المرتبطة برأسمالية السوق الحر أو ما يسمّى بكفاءة السوق المالية، إستطاعت بعض الدول الاستفادة من هذه الاستراتيجية النقدية وتوظيفها في استقرار الاقتصاد ودعم الأسواق، وبالتالي تنمية الشعوب وازدهارها. ومن التجارب المتميّزة في هذا المجال تجربة الصين ودول الخليج العربي.

نجحت الصين، من خلال زعيمها دنغ شياو بينغ (المهندس الرئيسي للإصلاحات الاقتصادية) في أواخر القرن الماضي، في دمج الايديولوجية الاشتراكية وسياسة التجارة الحرة لإنقاذ الصين إقتصادياً. وحوّلت إصلاحات دنغ استراتيجية التنمية الصينية إلى التركيز على الصناعات الخفيفة والنمو الذي تقوده الصادرات، كما اتّبعَت الصين سياسة تثبيت عملتها بالدولار حتى 2005 بسِعر صرف أقل من قيمة اليوان الفعلية في استراتيجية تهدف الى دعم صادراتها.

ساهمت الهندسات المالية الصينية، مدعومة بسياسة تثبيت العملة، في غزو المنتجات الصينية العالم. وتضاعف حجم الإقتصاد الصيني خلال سنوات، ليحتلّ المركز الثاني كأكبر إقتصادات العالم بعد الاقتصاد الأميركي، مؤسِّسَاً بذلك لحقبة اقتصادية عالمية جديدة قوامها الحرب التجارية.

عندما تُستثمَر سياسة تثبيت العملة ضمن استراتيجية مُمنهجة ولمدة محدّدة، مُستفيدةً من مقومات نجاح الاقتصاد الوطني، تكون النتائج محمودة. ومن أهم إيجابيات تثبيت العملة: إستقرار التبادل التجاري، حماية الأسواق من التضخم، جذب الاستثمارات، قدرة الحكومات على تخطيط ميزانيتها بشكل أدق، ومصدر أمان للشعوب لعدم تلاعب السياسيين بالعملة الوطنية (كما حصل في زيمبابوي، حيث أدّت سياسة المسؤولين في طبع العملة الوطنية إلى تدهور قيمتها بشكل دراماتيكي ووصول سعر رغيف الخبز إلى 550 مليون دولار زيمببوي).".

وتابع: "إنّ تثبيت سعر صرف الليرة في العام 1997 أسدى الى الأسواق اللبنانية خدمة كبيرة من خلال إرساء حالة من الاستقرار النقدي، خصوصاً بعد ما عاناه اللبنانيون من تقلّب سعر الصرف منذ فترة الحرب الأهلية وحتى منتصف التسعينات. إنّ مشكلة لبنان ليست في السياسة النقدية، بل في الاستمرار في سياسة تثبيت سعر صرف الليرة على مدى 22 عاماً، فيما فشلت الدولة في بناء اقتصاد مُنتج ومُستدام قادر على قيادة اللبنانيين نحو حياة أفضل بعيداً من سياسة الاستدانة.

يستورد لبنان بما يقارب الـ 20 مليار دولار سنوياً، بينما يُصدِّر أقل من 3 مليارات دولار سنوياً. يعني هذا انّ العجز بالميزان التجاري قدره 17 مليار دولار سنوياً من العملة الأجنبية. إعتمد الاقتصاد اللبناني منذ التسعينات على الإستدانة، وعلى تحويلات اللبنانيين المقيمين في الخارج بشكل أساسي لتغطية حاجته من العملة الصعبة.
لقد وصلت ديون لبنان لتوازي ما نسبته 160 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهي نسبة تُقوّض كثيراً قدرة لبنان على الاستدانة مجدداً. وبالتالي، إنّ القدرة المحدودة على الاستدانة وشحّ تحويلات المغتربين واستمرار ارتفاع الاستيراد أدّى الى تبخّر العملات الأجنبية من الأسواق، وقد أظهرت إحصاءات مصرف لبنان أنّ 10.3 مليارات دولار خرجت من الاقتصاد اللبناني منذ بداية الـ2018 حتى الآن، وهي أعلى نسبة في تاريخ لبنان. نعم هناك شحّ بالدولار، والعملات الأجنبية الأخرى. وبالتالي، بدأ الضغط على سعر صرف الليرة بسبب الطلب الهائل لتسديد حسابات استيراد السلع.

يبدو أنّ المسؤولين اللبنانيين اتّخذوا القرار بالإبقاء على قرار تثبيت سعر صرف الليرة مهما كلّف الثمن، فسيطرح لبنان سندات إضافية من اليوروبوند في الأسواق العالمية للاستدانة مجدداً، والتي بحسب وكالة بلومبرغ قد تكون السندات العالمية ذات أعلى قيمة فوائد في التاريخ بسبب مخاطرها، ومن البديهي أن يبدأ قريباً بتسييل احتياطاته. يكاد لبنان ان يقع في المحظور، وبالتالي الدخول في دوامة استنزاف موارد الدولة في سبيل محاولة المحافطة على سعر صرف الليرة في ظل انكماش الاقتصاد كما شهدنا في العديد من الدول.

إنّ الحل الأمثل الذي يُعتمد في حالات مشابهة هو فك ارتباط العملة المحلية بالدولار، وبالتالي خفض قيمتها بما يؤدي إلى رفع أسعار السِلَع المُستَورَدة، بينما تصبح صادرات لبنان أرخص في الأسواق الأجنبية.

يؤدي هذا الحل إلى تقليص الاستيراد وزيادة التصدير، مما يعني تخفيف الطلب على العملات الصعبة ونمو الإقتصاد. كما أنّ لخفض سعر العملة فوائد مهمة، منها: إستعمال احتياطات لبنان لتحفيز الإقتصاد بدلاً من محاربة المضاربات، خفض قيمة الدين العام بالعملة المحلية (44 مليار دولار من الدين العام هو داخلي)، تنمية الصناعة والزراعة من خلال ازدياد الطلب المحلي والعالمي على المنتجات اللبنانية، دعم السياحة من خلال توفير قدرة شرائية أكبر للسياح، وجذب الإستثمارات الخارجية.
طبعاً لن تتحقق كل هذه الفوائد بين ليلة وضحاها ومن دون أثمان، إذ انّ فك ارتباط الليرة بالدولار وانخفاض قيمتها له تداعياته على الاقتصاد أيضاً، حيث ستنخفض مرحليّاً القوة الشرائية للمواطنين، وسترتفع الأسعار خصوصاً للسلع المُستَورَدة من الخارج، وستعاني الشركات والأفراد الذين لديهم التزامات مالية بالعملات الأجنبية".
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.


المصدر: لبنان 24

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى