الخبر مفاده أن المجلس المركزي لمصرف لبنان أبلغ الحكومة قبل إستقالتها أنه سيتوقّف عن دعم المواد الأساسية عند وصول الإحتياط من العملات الأجنبية إلى 17.5 مليار دولار أميركي وهو مستوى الإحتياطي الإلزامي.
فما هو الاحتياطي الالزامي؟
إن إحتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية يتكون من الإحتياطي الإلزامي، ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، أصول مصرف لبنان الخاصة بالعملة الصعبة، وودائع الدول والمصارف المركزية الأخرى في المركزي. والإحتياطي الإلزامي هو عبارة عن قسم من ودائع المودعين يتمّ وضعه في المصرف المركزي لتفادي المخاطر الناجمة عن مخاطر نظامية (Systemic Risk) وهي إجراءات معتمدة في كل المصارف المركزية في العالم. إلا أن نسبة هذا الإحتياطي تختلف مع إختلاف مستوى المخاطر.
ولذلك ، فإن التوقف عن دعم المواد الأساسية من قبل مصرف لبنان يوازي، بحسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لـ" لبنان24" تحرير جزئي لسعر صرف الليرة (إذ لم يكن تحريرا كلّيا). وبالتالي فإن التداعيات على المواطن اللبناني ستكون كارثية، حيث من المتوقّع أن ترتفع الأسعار بثلاث أو أربع مرّات أسعارها الحالية مما سيُسبب تراجعا هائلا في القدرة الشرائية للمواطن لن يكون بعدها قادرا على إكفاء نفسه من السعيرات الحرارية اليومية! هذا الواقع يتزامن مع جائحة كورونا التي هي أداة لتفقير الشعوب، وإنفجار المرفأ في بيروت والذي خسّر الإقتصاد ما يوازي 5 إلى 10 مليار دولار أميركي غياب فرص إقتصادية. هذا بالإضافة إلى الخسائر المباشرة والتي ترتفع إلى 300 مليون دولار أميركي في المرفأ ورقم مواز للأضرار المادية في المنطقة المجاورة.
منذ إعلان حكومة الرئيس حسان دياب وقف دفع سندات اليوروبوندز، توقّفت كل إحتمالات قدوم الدولارات إلى لبنان، وبالتالي أصبح المصرف المركزي المصدر الوحيد بالإضافة إلى تحويلات بعض المغتربين والتي من المتوقّع ألا تتجاوز الـ 2.5 مليار دولار أميركي هذا العام، يقول عجاقة.
لا شك ان مصرف لبنان يستخدم إحتياطاته من العملات الأجنبية لتأمين إستيراد المواد الأساسية (محروقات، قمح، وأدوية)، وسلّة من المواد الغذائية (300 سلعة)، ودعم شراء المواد الأولية للصناعة والزراعة، ودفع مستحقات الحكومة من شراء الفيول وشراء الخدمات، والدفاع عن الليرة اللبنانية، ومدّ المصارف اللبنانية بالدولار لإحتياجات المودعين. هذا الإستخدام يؤدّي، بحسب عجاقة، إلى تآكل هذا الإحتياط مع وقف توافد الدولارات وبالتالي وصلنا إلى نقطة أصبح معها هذا الإحتياط بمستواياته الدنيا أي الإحتياطي الإلزامي.
ما يزيد الوضع سوءا تشابك الأزمة السياسية (حكومة تصريف أعمال) مع إقفال البلد بسبب جائحة كورنا، وتفجير المرفأ الذي أضر كثيرا بالإقتصاد. هذا الأمر يجعل من الأسابيع والأشهر المقبلة مصيرية بالنسبة إلى لبنان. فعدم تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات في وقت قصير جدًا، سيؤدّي، كما يقول عجاقة، إلى كارثة اجتماعية كبيرة ستؤدّي حكمًا إلى اضطرابات اجتماعية ومن خلفها توترات أمنية، أما تشكيل حكومة في وقت قصير تكون قادرة على القيام بإصلاحات، سيفتح الأبواب أمام الإستثمارات الأجنبية والخليجية التي هجرت لبنان منذ بدء الأزمة السورية في العام 2011.
عمليًا، لبنان يعيش أقسى المراحل في تاريخه المُعاصر حيث يُشبّه بعض المراقبين هذه المرحلة بالأسوأ منذ الإستقلال نظرًا إلى المخاطر الإقتصادية والإجتماعية والتي ستعيد لبنان، في حال لم يتمّ تشكيل حكومة لإجراء الإصلاحات، إلى حدود أزمة المجاعة خلال الحرب العالمية الأولى. لكن البعض الآخر يخفف من هذه النظرة التشاؤمية من خلال القول أن الدول العظمى لها مصالح في لبنان، وبالتالي لا مصلحة لها بإنفجار الوضع في لبنان مع وجود مليون ونصف مليون نازح سوري مما يعني أن المساعدات الإنسانية ستمّنع الإنهيار الإجتماعي.
المصدر: لبنان 24