تتنازع الاطراف التي تربطها عقود بيع وشراء او ايجارات أو قروض مصرفية بين بعضها البعض، بسبب هبوط سعر صرف الليرة والاختلاف في اسعار الصرف المعتمدة في السوق. وفيما يعتبر الشاري او المقترض او المستأجر انّ قدرته الشرائية هبطت بنسبة كبيرة، ولم يعد في مقدوره تسديد الاقساط الشهرية التي تنصّ عليها العقود الموقّعة بالدولار الاميركي، يرى الطرف الثاني انّه من غير المنصف ان يتمّ الدفع له بالليرة اللبنانية وعلى سعر الصرف الرسمي، نتيجة تضخّم الاسعار وفقدان الليرة قيمتها.
وقد دفعت هذه المعضلة الاطراف التي تربطها مختلف انواع العقود، للجوء الى القضاء لفضّ هذا النزاع. إلاّ انّ وجود قانونين يمكن الاستناد اليهما في هذا الاطار، صعّب الامر على الاطراف المعنية، ما اضطرها الى التوصل لتسويات ودّية في ما بينها.
تكثر الأمثلة حول العقود الموقّعة بين طرفين بالدولار الاميركي، منها القروض المصرفية الموقّعة بين العملاء والمصارف، حيث يرفض بعضها اليوم تسديد الاقساط الشهرية للقروض، بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي عند 1515 ليرة، على غرار ما يسمح به البعض الآخر من المصارف.
كذلك الامر بالنسبة لعقود البيع الموقّعة بين مطورين عقاريين وافراد اتفقوا على شراء شقة سكنية والبدء في دفع جزء من قيمتها مباشرة للمطور العقاري الى حين الحصول على قرض سكني، بالاضافة الى كافة عقود الايجار السكنية او التجارية، وعقود التأمين التي لا تجد اليوم ما يُلزم اطرافها التسديد بالدولار أو بالليرة على سعر الصرف الرسمي.
في هذا الاطار، شرح رئيس الجمعيّة اللبنانيّة لحقوق المكلّفين المحامي كريم ضاهر لـ"الجمهورية"، انّ الاقتصاد اللبناني "المدولر" منذ سنوات عدّة، أتاح ابرام معظم العقود الفردية او المؤسساتية بالدولار الاميركي، خوفاً من تدني قيمة العملة اللبنانية. لافتاً الى انّ تأثر التوازن الاقتصادي للعقود، أي تضرّر أحد الأطراف لمصلحة الطرف الثاني نتيجة تدهور قيمة العملة، يفتح مجالاً للاعتراض امام المحاكم. واكّد وجود شقّين من المواد القانونية التي يمكن للمتعاقدين اللجوء اليها:
- المادة 301 من قانون الموجبات والعقود، حيث هناك اجتهاد في المحاكم اللبنانية في هذا الاطار، سمح بفرض الدفع حصراً بالعملة التي ينصّ عليها العقد الموقّع بين الطرفين، اي بالدولار الاميركي، وذلك في حال تمّ الاتفاق في العقد وبصورة صريحة على التسديد بعملة معينة.
وأشار ضاهر، الى انّه لم يُصر بعد الى فصل هذا التناقض بصورة نهائية، وبالتالي يلجأ المتعاقدون الى التفاوض بين بعضهم بهدف التوصل الى قواسم مشتركة واتفاق ضمني يجنّبهم اللجوء الى المحاكم، "إلّا انه في وقت من الاوقات، سيضطر الافراد الى اللجوء للمحاكم، لأنّ احد الاطراف لن يتمكن من التسديد بالدولار، او انّ الطرف الثاني لن يقبل الاستمرار بقبض مستحقاته بالليرة اللبنانية".
من جهته اعتبر رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، انّه يجب التمييز بين حالات مختلفة في ما يتعلّق بالقروض المصرفية:
الحالة الاولى، اذا كان القرض مسنداً بالعملة المحلية، لا يمكن للمصرف مطالبة العميل تسديد القرض بالعملة الاجنبية، ولو حتى اعتبر انّ قيمة العملة تراجعت، حيث انّ العقد هو شريعة المتعاقدين، وهناك اجتهادات ثابتة في هذا الاطار من قِبل المحاكم. وتجدر الاشارة الى انّ القاعدة تنصّ على انّ الديون توفى بأمثالها، بمعنى انّ الدائن الذي أدان آخر مبلغاً من النقود، عليه ان يستوفي مثل ما دفعه الى مدينه من عملة البلاد، سواء ارتفعت قيمة العملة الشرائية أو تراجعت. ولا يمكن الزام المقترض التسديد بغير عملة.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.
المصدر: لبنان 24