نبض لبنان

الحبوب لاتكفي أكثر من شهرين.. هل يوزع الجيش المخزون على التجار؟

كتب فراس الشوفي في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "لبنان والسيادة الغذائية: القمح والفاصولياء أبقى من اللحم والدولار": "الجوع يكوي النّفوس، كما لا ينجح أن يصقلها المنطق. فلأول مرّة منذ تأسيس الكيان اللبناني، يسري بين بعض اللبنانيين، مواطنين وجهات وسلطات، مصطلح "الأمن الغذائي". والفضل في ذلك متقدّماً، لبنجامين فرنكلين، الذي مدّ يده من ورقة المئة دولار، ملوّحاً للبنان بالوداع معلناً نهاية حقبة، وانكشاف "نصبة العصر" في النظام المصرفي اللبناني. وثانياً، لوباء كورونا، الذي جرّد المستقبل من الأمل في عودة "المرحوم" فرنكلين عن قراره.
وإذا استثنينا "الطفرة" الزراعية خلال عهد الرئيس فؤاد شهاب، لم يكن النظام اللبناني وأركانه، ومعهم الجزء الأكبر من المواطنين، معنيين بزراعة ما يأكلون. بل على النقيض، سعت السياسات الرسمية والمالية والاقتصادية إلى تفكيك ما تبقّى من المجتمع الزراعي اللبناني، وإغرائه قبل وبعد الحرب الأهلية، بالربح السريع والخدمات والهوس بالأعمال العقارية. فغرِق «الخواجات» خلف المكاتب والمشارب، وبارت الأرض. ومن تمسّك بدين الحقول، فإمّا خانته المواسم والدولة وبالكاد يصمد على «الحافّة»، وإمّا تورّط في الزراعة «التجارية» المغمّسة بالسموم والأسمدة الكيميائية وبالكاد يستمرّ في أعماله، حتى لو كان محتكراً «محترماً»!
مع أن لبنان «الكبير» كان صغيراً، وكَبُر حين وقع الظلم على الأقضية الأربعة، وضُمَّت إليه سهول البقاع وعكّار، لأهداف شتى، منها ألا يجوع سكّان جبل لبنان. بعد قرنٍ كامل، بدل أن يشبع الجبل، يقف اللبنانيون جميعهم أمام خطر مركّب، من المرض والفوضى... والجوع!
فالحال في البلد - الذي ينفق 700 مليون دولار على السكاكر والمشروبات الغازية و60 مليوناً على «الكورن فليكس» و5 ملايين على «الكاتشاب» سنوياً) - إذا جنحت نحو السيناريو الكئيب، قد تكون أكثر بذاءة من حال العراق، حين امتصّ الأميركيون نفطه مقابل القمح وحليب الأطفال المجفّف، لعقدين وأكثر. فلا البطون الخائرة تنتظر سنوات ليخرج الغاز من البحر وتقايضه بالقمح، على مذهب أرجوان الفينيقيين القدامى، ولا كورونا سيوفّر دول التصدير من الكساد، وتراجع قدرتها على تلبية احتياجات الشعوب المستهلكة، فتتساوى - إلى حدّ ما - من يملك المال مع من لا يملك، ويتسيّد من يكدّس الغذاء. وافتتحت رومانيا قبل أيام سباق الدول التي قد تتوقّف عن تصدير الحبوب (روسيا، أوكرانيا، بيلاروسيا، أميركا، كندا، أستراليا، الهند...) معلنة تجميد عمليات تصدير الحنطة إلى أجلٍ غير مسمّى.
يقدّر الدكتور المحاضر في سلامة الغذاء والتنمية المستدامة، فايز عراجي، في تقرير نُشر مطلع العام الحالي، تحت عنوان: "الانهيار الاقتصادي اللبناني وانعكاساته على النظام الغذائي"، أن «الإنتاج المحلي اللبناني يغطّي أقل من 25 % من احتياجات السوق المحلية من القمح، و 30% من الألبان والأجبان و15 % من اللحوم. بينما يغطي الإنتاج المحلي من الخضار 88% من الطلب اللبناني، وتقريباً هناك شبه اكتفاء ذاتي من الدجاج والبيض والفواكه". وهذا يعني أن لبنان، مثل غيره من الدول العربية، ينتج أقل من 50% من سعراته الحرارية الغذائية، و"هذا يقود إلى تبعيّة غذائية ولاحقاً إلى تبعيّة سياسية مطلقة".

"خطة الأمن الغذائي"
وكما هو شأن الأرقام في لبنان، لا تحوز الدولة إلّا في ما ندر، على إحصاء دقيق، يسعى وزير الزراعة عبّاس مرتضى إلى جرد موجودات كميات الحبوب والحنطة ومشتقاتها الموجودة في العنابر والمخازن والحقول، بانتظار أن يبدأ الجيش اللبناني بعمليّة إحصائية، كما قال لـ"الأخبار". وهو اقترح الأمر على رئيس الحكومة حسّان دياب، ومن المفترض أنه عقد اجتماعاً مع نائبته وزيرة الدفاع زينة عدرا بهذا الخصوص، على أن "يكلّف الجيش بتوزيع المواد على التّجار لمنع الاحتكار وضبط الأسعار". لكنّ التقديرات لا تمنح "المخزون الحالي أكثر من شهرين، قبل دخول أزمة فعليّة، ما لم تُقدم الدّولة على خطوات سريعة وتؤسّس لخطوات مستقبلية". لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.

المصدر: لبنان 24