بين ليلة وضُحاها، انخفضت قيمة العُملة الوطنية وفقدت الطبقة الوسطى شيئاً من الشعور بالطمأنينة. صار الجميع يبحث عن النسخة الأرخص من أية سلعة استهلاكية يحتاجون إليها للدفع بالـ"كاش"، وخصوصاً بالعملة الصعبة، شبه معدوم. بعدها، انتشرت ظاهرة "فتح حساب جارٍ في غير مصرف في لبنان وتوزيع المدخرات بينها". وهكذا بدل سحب 100 دولار أسبوعياً أو 150 من مصرف واحد يسحب المواطن ضعف المبلغ من مصرفين لتغطية نفقاته الأساسية، من دون الحاجة لعرض مستندات داعمة بتحايل ذكي على الأزمة، إلى أن لاحظت البنوك ذلك وأوقفت فتح أي حساب جديد لأي مواطن لبناني بالدولار الأميركي!
وإذ بنا نلاحظ اليوم تطوراً مفاجئاً في غالبية وجهات النظر حول السلع الفاخرة، من الجواهر والأسهم والسيارات والأراضي والشقق وحتى اللوحات الفنية العريقة بما أنها "سلع لا تعرف الركود"، ولا تخسر قيمتها الفعلية، أو عبر التجارة في البضائع عبر منصات الكترونية آمنة للإستثمار في السلع. كل ذلك، هرباً من "الهيركت" الذين يتخوفون من حدوثه، وتهريباً لأموالهم التي جمعوها لسنين طويلة. حتى صار السؤال الطاغي على جلسات الحوار اليومية ووسائل التواصل الإجتماعي "ما الفائدة من ادخار المال إن لم تستطع الوصول إليه؟".
التجميل أولوية
غيرت لينا عيتاني رأيها بضرورة عملية تجميل لأنفها، ووجدت أن أيامنا الحالية مناسبة أكثر من ذي قبل كي تقوم بذلك، حيث احتاج الأمر لأوراق من المستشفى وقيامها بإجراء بالعملية فقط لصرف الألفي دولار التي ادخرتها على عملية التجميل.
"اعتمد أبي على خطة للإدخار طوال خمس وعشرين سنة، وكانت كل عملية شراء للسلع الفاخرة غير الضرورية تُعد في منزلنا "خطوة جريئة" أو "مضيعة للمال"، بالنظر إلى وجود بدائل أرخص بكثير. ولكن اليوم ومع انهيار الثقة بالنظام المصرفي تغيرت وجهة نظرنا تماماً، حتى صار اقتناء السلع الفاخرة كساعات فاشرون كوستانتين واقتناء أحجار كريمة مخرجاً لحماية أموالنا"، قال نعيم فوعاني لـ"نداء الوطن". أما لين فغالي، ففضلت فتح متجر الكتروني عبر انستغرام، لبيع قطع الثياب المميزة بالدفع النقدي، حيث اشترت بمدخراتها وعبر بطاقة الإئتمان وخاصية التبضع الإلكتروني، قطعاً لماركات مرغوبة من الخارج، ظناً منها أن الاحتفاظ بأموالها في البنك بات غير مجدٍ.
وجدت ليندا خوري شقتين للبيع في إحدى المناطق الجبلية ومصايف بحمدون لتصرف ما جمعته وزوجها في سنين عملهما "قبل ما يطيروا". أما جوليانا هضام وهي طالبة، فجمعت داتا كاملة عن مزادات اللوحات الفنية في بيروت وعمّن يقبل بينهم الشيكات المصرفية، كي تستثمر مدخرات أهلها المخصصة لمستقبلها فيها، خشية تشديد القيود غير المبررة على أموالها "الممسوكة غصباً"، بحد تعبيرها.
يفتش جورج حنا على يخت لشرائه عبر حوالة بنكية ويفكر بعدها بالإبحار به إلى قبرص وبيعه نقداً وبسعر أعلى، وأخبرنا كيف اشترت اخته سيارة صغيرة وشحنتها الى دبي حيث تعيش، وستجمركها وتبيعها هناك بدل الإحتفاظ بأموال اغترابها في البنك!
إشترت غادة تميم بما حصلت عليه من تعويض زوجها الراحل قطع ذهب ما كانت لتشتريها، لو لم يكن "سلوك المصارف صار مرعباً جداً" بالنسبة اليها، وأضافت: "مخيف جداً أن نرى كل مصرف يطبق سياسة بنكية خاصة به، بغض النظر عما يطبقه الآخر، فنرى تفاوتاً في سقوف السحوبات الأسبوعية بين مصرف وآخر، منها من يسمح لك بالتحويلات ومنها من يرفض، ومنها من يقوم بتجميد حسابك ما أن تضع فيه مبلغاً من المال، وعند السؤال يأتي جواب الموظف أن الأوامر من الإدارة ولا دخل له بالموضوع". وبالحديث مع لمى بعيون قالت إنها تفضل الاحتفاظ بمالها في المنزل وإن كان عرضة للسرقة في هذه الظروف التعيسة التي تمر فيها البلاد".
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.
المصدر: لبنان 24