نسبة كبيرة من موظفي القطاعين الخاص والعام، وتحديداً في الفئات الثلاث الاولى، وضباط الاسلاك الأمنية يفوق معدل رواتبهم الشهرية 3 ملايين ليرة. وعليه فإن مهلة الشهر قد لا تكفي لسحب الموظف كامل راتبه، الذي يكون قد برمج على أساسه مصروفه ودفعاته الشهرية.
"هذا التدبير يأخذ صفة التنظيم لا التقييد للسوق النقدي، طالما ما زال محصوراً في البطاقات مُسبقة الدفع"، يقول المصرفي غسان شماس. إلا أن الخطورة تكمن في انسحاب هذا الإجراء على الحسابات الجارية بالليرة اللبنانية. فتقييد سحوبات الدولار قد يكون مفهوماً لعدم توفره، أنما أن يُجرى تقييد السحوبات بالعملة الوطنية، فهذا يطرح أكثر من علامة استفهام حول التوقيت، ومَن الجهة التي تقف وراء اتخاذ القرار؟ وبأي صفة؟ ولأي غرض؟ خصوصاً أن بإمكان مصرف لبنان طباعة العملة الوطنية بالكمية التي يريد.
شماس، الذي لا يرى مبرراً مقبولاً لتقييد السحوبات بالليرة، خصوصاً أنه لا يأتي من الجهة المعنية باتخاذ القرار، أي مصرف لبنان، فهو يرجُح أن تكون بعض المصارف التي لجأت إلى مثل هذه الخطوة تعاني من عدم توفر الليرة. وفي حال استمرت وتوسعت هذه التدابير فإن المصارف تكون تدفع المواطنين عمداً الى التعامل بالدولار، وهو ما سيرفع سعره بشكل كبير جداً".
الحجة الأكثر قرباً للمنطق الإقتصادي لمثل هذه الخطوة قد تكون محاولة التخفيف من الآثار التضخمية، وهي بدورها تسقط أمام المبررات التالية:
محاربة التضخم منوطة بالمصرف المركزي ووزارتَي المال والإقتصاد حصراً، وهي تتم بوقف طبع العملة وليس تقنين سحبها. وهذا ما لم يتم لغاية الآن، خصوصاً إذا تمعنّا بالطبعات الجديدة من البنكنوت اللبناني.
القرارات يجب أن تكون معلنة وموسومة بالشفافية وتحدد بوضوح تخفيف السيولة m2 أو m3 وصولاً الى عتبة m6.
على عكس ما حصل مع الدولار فإنه لا يحقّ للمصارف أو لجمعيتهم، تحديد سقوف السحب بالعملة الوطنية، مهما كانت الأهداف.
بغضّ النظر عن تقييم الإجراءات وتوصيفها بالخطأ أو الصواب، فإن الاجراءات المصرفية تُخيف المواطنين سواء كانوا أفراداً أم أصحاب شركات وتقلّل الثقة بالقطاع المصرفي. وعلى حد قول أحد رجال الأعمال فـ "إننا نواجه يومياً مشاكل مع قرارات أصحاب المصارف تتّصل بتغيير قراراتهم بين ليلة وضحاها، ونقضهم آخر الأسبوع إجراءات يتخذونها في أوله".ويشير الخبراء إلى أن على المصارف الهدوء واستخدام خبراتها للتعامل مع الأزمة بحكمة. وان الحَسَنَة الوحيدة التي ستنجم عن هذه الأزمة ستتلخّص بما ستشهده المصارف من عمليات دمج في ما بينها، خصوصاً مع تعميم مصرف لبنان زيادة رسملتها بما يفوق قدرة الكثير منها في ظل هذه الظروف.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا
المصدر: لبنان 24