نبض لبنان

الاحتكار: أحد أسباب إفلاس البلد

كتب فادي عبود في الجمهورية:

نعرض في هذا المقال البند الرابع من خطة مواجهة الأزمة التي نشرناها سابقاً، وهي السيطرة على الاحتكارات المتجذّرة في الاقتصاد اللبناني وتعوق نموه وتنافسيته.

الإحتكار، الكارتيلات، الحصرية، هي ممارسات منافية لشروط التجارة الحرة والمنافسة المشروعة، وتحقق ارباحاً غير مبرّرة على حساب المواطن والمجتمع، وسنعدّد في ما يأتي أنواعها وأشكالها:

– احتكار السوق أو الكارتيل: حين تتفق مجموعة من الشركات في ما بينها، وتحدّد شكل علاقات تصريف السلعة في السوق والاسعار، هذا مخالف للحق وتآمر على الآخرين، وهناك عدد من الامثلة، حيث تمّت معاقبة شركات في دول عدة، حين تمّ كشف الإتفاق في ما بينها.

– الحصرية المباشرة الممنوحة من الدولة لشركات خاصة مثل الطيران، الاتصالات، الكهرباء، الكازينو، التبغ والتنباك، الاسمنت والكابلات وغيرها، عبر قوانين تمنع إنشاء شركات مماثلة او منع استيراد سلعة مماثلة.

– الحصرية المخفية، وهي منح احتكار بطريقة غير مباشرة عبر اساليب عدة، مواصفات مفصّلة على قياس سلعة أو شركة محدّدة، شروط عقود ومناقصات لا تنطبق الّا على شركة محدّدة مثل الميكانيك.

– الوكيل الحصري: وهذا نشاط عادل ومبرّر، وخصوصاً اذا كانت هناك سلع مماثلة في السوق من ماركات اخرى، بشرط ان تبقى العلاقة مربوطة باتفاق بين المنتج والوكيل، ولا تتدخّل الحكومة في دعم اي من الافرقاء على حساب الفريق الآخر، ووضع قوانين جديدة لحماية الطرفين بالتوازي، وكذلك حماية حقوق المستهلك.

يبقى إقتناعي الثابت، في أنّه يجب كسر كل الاحتكارات في الاقتصاد اللبناني، فإبقاء هذه الاحتكارات يحدث ضرراً كبيراً في اقتصادنا، ويمنع خلق فرص انتاج جديدة ويرفع من اسعار الخدمات والسلع. استنتج تقرير للبنك الدولي عام 2006، أنَّ ما يسمّيها الأرباح الريعية الناجمة عن الاحتكار في الأسواق اللبنانية (أي الأرباح الناتجة ــ بحسب التقرير ــ من الاحتكار فقط، لا مجمل أرباح هذه الشركات) تصل إلى نحو 16% من إجمالي الناتج المحلي، أي نحو 8.6 مليارات دولار بحسابات اليوم (https://documents1.worldbank.org/curated/en/215971468263723336/pdf/wps4332.pdf)

وكنت قد اقترحت إنشاء مجلس لمنع الاحتكار الخاص والرسمي منفصلاً عن كل الوزارات «Anti – Monopolies Commission» وإنشاء محاكم خاصة ومستقلة وسريعة، متخصّصة بحقوق المستهلك ومنع الاحتكار.

ولكن يبقى الاهم، هو الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، فهذا يضبط منح الحصريات والمناقصات وتصبح العقود شفافة وواضحة.

أما عندما يتمّ منح احتكار لأسباب مبرّرة لشركات خاصة، يجب أن تتعامل هذه الشركات كأنّها شركة عامة خاضعة لرقابة الشعب، ويصبح المحتكر هنا وكأنّه موظف قطاع عام، لأنّ عمله لا يدخل في التجارة المفتوحة والمضاربة والربح، وتصبح اعماله خاضعة لقانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، ونعني الارباح والخسائر التي تأتي من العمل الاحتكاري حصراً وليس من اعماله الاخرى، وهذا ما لحظه قانون «الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة» الذي تمّ تقديمه الى مجلس النواب، حيث انّ كل ما يتعلق بأي احتكار ممنوح من الدولة بموجب قانون او عقد شراكة مع القطاع الخاص، في أي قطاع او خدمة، يجب ان تكون بياناته مفتوحة، وخاضعاً للشفافية المطلقة. على المواطن ان يعرف الارباح والخسائر التي تحققها الشركات التي تتمتع بالاحتكار، لأنّ ارباحها تأتي من جيب المواطن، وليس فقط مراقبة الأرباح والخسائر، بل مراقبة النفقات وطريقة ادارة الاعمال ايضاً.