نبض لبنان

رابطة المودعين تعليقاً على كلام امين صندوق المصارف: وقاحة منقطعة النظير

بوقاحة لم نشهد لها مثيل من قبل، أطل علينا السيد تنال الصباح رئيس مجلس ادارة البنك السويسري اللبناني وأمين صندوق جمعية المصارف بمطالعة في برنامج صار الوقت على قناة MTV، حيث دعى الى وقفة تضامنية بين المودعين والمصارف، محملا الدولة ومصرف لبنان مسؤولية الأزمة المالية.

إن كلام السيد المذكور، يحمل مغالطات قانونية واقتصادية، ويهدف لتفادي المسؤولية، وذر الرماد في العيون، والتعمية على الحلف العميق بين المصارف والحكومات المتعاقبة ومصرف لبنان، حيث أن المصارف جنت المليارات من الدولارات عبر تمويل الدين العام من مدخرات اللبنانيين لأكثر من ثلاثين عاماً. واليوم وقد حان تقاسم كلفة الأزمة قامت المصارف بالتحالف مع المصرف المركزي والحكومة بتمرير خطة مالية تخدم أصحاب المصارف والرساميل الكبرى.

أولا: المصارف اللبنانية استفادت من السياسات المالية، والاقتصادية السيئة للدولة اللبنانية وراكمت أرباحا خيالية تفوق المليار دولار سنوياً. مما جعل القطاع المصرفي اللبناني من الأربح عالميا. فالحكومات المتعاقبة قبل الأزمة المالية كانت تدفع أكثر من نصف مداخيلها لخدمة الدين العام (حوالي ٥،٦ مليار دولار سنويا)، بشكل فوائد تذهب مباشرة لجيوب المصارف.

ثانيا: إن المصارف اللبنانية استفادت من الهندسات المالية منذ عام ۲۰۱٦ وهذه الهندسات المشبوهة صممت خصيصا لحماية ولإنقاذ القطاع المصرفي عبر إعطاء المصارف فوائد خيالية بقيمة ١٥ بالمئة على الدولار. وقد قام مصرف لبنان بتمويل هذه الهندسات عبر بيع اليوربوند وزيادة الدين الخارجي. تعرض المصارف للدين السيادي ومصرف لبنان جاور السبعين بالمئة قبل الازمة، وهذه نسبة أكبر من نسب تعرض أقرانهم في العالم ب 8 مرات.

إن المصارف بهذا الاطار شريكة بالتكافل مع مصرف لبنان، حيث قامت بالتحايل على المودعين عبر ايهامهم بأن الفوائد العالية ممكنة، بينما قاموا وقبل ظهور الازمة الى العلن بتهريب أموالهم واموال مالكي المصارف وكبار مدرائهم وكبار المودعين للخارج.

ثالثا: كما حاول السيد الصباح ايهامنا بأن المصارف خسرت نتيجة الازمة، بينما هي في الحقيقة قامت بتصفير الفائدة المدفوعة للمودعين واحتفظت بالفائدة على القروض والفوائد التي تلقتها من المصرف المركزي عبر الدين العام، فحققت أرباحًا بمليارات الدولارات في عام ۲۰۲۰ عندما انكمش الاقتصاد الوطني بنسبة تزيد عن ۲٥٪.

رابعا: الخطة التي وضعتها جمعية المصارف بالتعاون والتنسيق مع اللجنة البرلمانية بقيادة إبراهيم كنعان ونيكولا نحاس، انتقدها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأوروبيين، ووصفوا ارقامها بأنها كذبة واستمرار لمخطط بونزي. هذه الخطة تخرج عن كل المعايير العالمية، فتقوم بحماية المصارف عبر تحميل الاقتصاد الكلي، المودعين، والمالية العامة ثمن الكلفة الباهظة للافلاس الحاصل.

فبدل شطب جزء كبير من الدين العام، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، مما يتيح للدولة استثمار الاحتياطي في خطة مالية إنقاذيه، تقوم الدولة اليوم، بهندسة مالية مقلوبة هدفها تحميل أصحاب الودائع حوالي ٧٠ بالمئة من قيمة ودائعهم كفرق عملة.

هذه الخطة أدت إلى انكماش اقتصادي مخيف يقدره البنك الدولي بـ ١٣,٩ بالمئة في سنة ٢٠٢١ وبـ ۲٥ بالمئة في سنة ٢٠٢٠.

خامسا: حجة السيد الصباح بشأن عدم لمس الاحتياطي الإلزامي وإعادته للبنوك لا تحل سوى ۱٥٪ من مشاكل المودعين. كما أنه لا يحل الازمة البنيوية للمالية العامة. فلا حلول سحرية للازمة دون شطب أكثر من نصف الدين العام، وإقرار خطة مالية واضحة تحمل مالكي المصارف وأصحاب الودائع الكبرى القيمة الأكبر للخسارة.

سادسا: إذا أرادت جمعية المصارف حقًا حماية حقوق المودعين، لامتنعت عن إهانة المودعين على ابوابها واذلالهم والسطو على مدخراتهم وتهديد مستقبل اولادهم في الخارج، ولكانت امتنعت عن عرقلة أي خطة من شأنها أن تجعل البنوك تدفع الثمن عن الخسائر التي وقعت نتيجة جشعها وسوء ادارتها لأموال المودعين.

ان تجمعات المودعين المختلفة التي تزعج المصارف وفي طليعتها رابطة المودعين، إنما هي نقطة القوة نحو تنظيم المودعين وتأكيد تمثيلهم ومشاركتهم في تقرير مصير أموالهم والتصدي لكل عمليات التضليل ومحاولات فرض الأمر الواقع عليهم والتسليم لأكبر عملية سطو على ودائعهم في حين أن كافة القوانين والأنظمة هي في مصلحتهم والمواجهة المفتوحة المحقة ستؤدي إلى كشف الحقيقة تمهيدا للمحاسبة.

لعل تقاذف المسؤوليات الذي نشهده بين السلطة والمصارف والتخبط الحاصل لدى المصارف وتململها من الضغط الذي تمارسه مجموعات المودعين دليل على قوة هذه المجموعات ومحاولة المصارف مد اليد للمودعين للتعاون، ذات اليد التي سطت على اموالهم، ليست سوى مسرحية جديدة للتغطية على الجرائم التي اقترفوها وجنوا منها ثروات هائلة على عينك يا تاجر.

حقا صح بالسيد تنال القول: اذا لم تستح فافعل ما شئت.